نبض أرقام
02:33 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

كيف أصبح لروسيا اقتصادان؟

2019/11/15 أرقام - خاص

تعد روسيا إحدى أكثر الدول معاناة من التقلبات الاقتصادية، ففي بعض السنوات تشهد نموًا لافتًا، وفي أخرى تعاني فقط لتحقيق نسب نمو موجبة، بل واتسعت التقلبات الاقتصادية لتشمل تناقض القطاعات المختلفة بين صناعي وخدمي وبين الاستهلاك والإنتاج.

 

 

تباطؤ

 

فعلى سبيل المثال، نما الاستهلاك بالقيمة الحقيقية بنسبة 16٪ عما كان عليه قبل 10 سنوات ، في حين أن الناتج المحلي الإجمالي أعلى بنسبة 10٪ فقط، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو اكتمال برامج رفع الدعم في روسيا خلال تلك الفترة بما زاد من أعباء الاستهلاك المباشر على المواطنين الذين لا يتمتعون بمزايا الشراء الكبير الذي تتمتع به الحكومة.

 

وتعكس هذه البيانات سبب زيادة نسبة الديون الفردية في روسيا بنسبة 120% خلال العقد الأخير في إحدى أعلى نسب الديون نموًا في العالم على الإطلاق مع الارتفاع المستمر في تكلفة الحياة المعيشية في مقابل نمو الأجور بشكل غير متناسب.

 

وعلى الرغم من أن الإجراءات التي اتخذتها موسكو لتشديد الشروط للمقترضين تبدو "منطقية" وضرورية، إلا أنها أدت لتباطؤ الاقتصاد خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث وضع البنك المركزي قواعد تمنع منح القروض لصغار المقترضين الذين "يُخشى تعثرهم" وبالتالي تراجع الاستهلاك مؤخرًا ومع عدم توفير البديل الذي يشجع النمو تراجع النمو بطبيعة الحال.

 

وتأتي تلك النتائج المخيبة خلال السنوات الأخيرة على الرغم من الانتعاش الكبير الذي حققه الاقتصاد الروسي في السنوات التي أعقبت انتهاء الأزمة المالية العالمية بمتوسط نمو قارب 5% سنويًا بين أعوام 2009-2014 بما شكل دفعة استثنائية للاقتصاد الذي عانى تباطؤًا شديدًا إبان الأزمة.

 

توقعات النمو

 

وفي 2017 و2018 لم تتعد نسبة النمو 2% بينما يتوقع بلوغها 1.2% في 2019 وفقًا لتقديرات البنك الدولي، وذلك للعديد من العوامل من بينها تذبذب أسعار النفط وانخفاض مؤشرات التصنيع تدريجيًا خلال السنوات الثلاث الأخيرة حتى وصل 46.3 درجة (أقل من 50 تشير إلى الانكماش).

 

 

ولكن الملاحظ أن التدهور الاقتصادي الروسي تسارعت وتيرته في الآونة الأخيرة، حيث انخفض صافي الصادرات بنسبة 4.9٪ في النصف الأول من العام الحالي فحسب، وفقا لما ذكرته "سي.إن.إن" وذلك بفعل اشتعال الحروب التجارية التي أثرت على موسكو كثيرًا.

 

 ووفقًا لبيان لغرفة الصناعة الروسية، فإن 12 من أصل 20 مجالًا صناعيًا روسيًا شهدت انخفاضا في حجم إنتاجها بنسبة تراوحت بين 7-18% بما يؤشر إلى تراجع لافت في الصناعات بما فيها تلك الثقيلة مثل الصلب.

 

ومع استمرار الحروب التجارية فإن صادرات روسيا قد تعاني أكثر، حيث تقدر "إيكونوميست" أن 20٪ مما تبيعه روسيا في الخارج يذهب إلى دول متورطة حاليًا في نزاعات حمائية، مع ذهاب 40 ٪ أخرى إلى الاتحاد الأوروبي، والذي يهدد بين آن وآخر بالدخول في مواجهات تجارية مع موسكو ويعاني تباطؤا اقتصاديا قد يقلل من شرائه من روسيا.

 

مشاكل الصادرات

 

كما تراجعت مشاكل الصادرات الروسية إلى أسباب داخلية أيضًا، خلافًا لما سبق استعراضه، تشمل ضعف محصول الحبوب المحلي والمشاكل الطارئة المتكررة التي تصيب خطوط توزيع النفط الروسية وتؤثر على حصيلة ما تحصده موسكو من الذهب الأسود.

 

واللافت أن كل هذا التراجع الاقتصادي يأتي بينما نما القطاع الخدمي الروسي بنسبة 240% خلال العقد الأخير، بينهم 50% خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة الماضية، بل إنه يبقى مسؤولا عن استمرار رقم النمو الإجمالي الروسي موجبًا بدلًا من انقلابه لخانة النمو السالب.

 

 

ودفع هذا كثيرين إلى القول بأن روسيا لديها اقتصادان متناقضان أحدهما يعاني وينكمش، والآخر يزدهر وينمو، ومن ذلك التناقض حقيقة أن موسكو لديها واحد من أكبر الاحتياطيات النقدية الأجنبية في العالم وتبلغ حوالي 530 مليار دولار في آخر إعلان عنها في يوليو الماضي، في الوقت الذي يعاني الاقتصاد تراجعًا كبيرًا، بما يدعو للتساؤل عن قيمة هذه الاحتياطيات الكبيرة في ظل عدم استغلالها بأي شكل.

 

المصادر: "فوربس"، "بيزنيس إنسايدر"، دراسة لجامعة"يل"، "وول ستريت جورنال"

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.