نبض أرقام
02:23 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

كيف تم تشويه سوق "الريبو" الأمريكي؟ ولم بات محل جدل بين السياسيين؟

2019/11/06 أرقام

في السابع عشر من سبتمبر، وللمرة الأولى منذ عقد من الزمان، تدخل الاحتياطي الفيدرالي في عمليات إعادة الشراء لليلة واحدة، أو ما يعرف بسوق "الريبو"، الذي تحصل منه البنوك وصناديق التحوط على التمويل قصير الأجل.

 

 

تستبدل المؤسسات في هذا السوق ما بين تريليون وتريليوني دولار من السندات بالنقد يوميًا، وجاء تدخل الفيدرالي بعد ارتفاع سعر "الريبو" إلى 10% (المستوى المعتاد يبلغ 2%)، ومعه تجاوز سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية (التي تقترض البنوك بها من بعضها البعض) هدف الفيدرالي.

 

ضخ الفيدرالي تمويلًا لليلة واحدة قدره 75 مليار دولار، فتراجع كلا السعرين، ولكن صناع السياسة وجدوا أن عليهم الاستمرار في دعم عمليات الإقراض لمنع الفائدة من الارتفاع مرة أخرى.

 

سخاء الفيدرالي

 

- في أكتوبر، قال الاحتياطي الفيدرالي إنه سيدعم عمليات الإقراض لفترة طويلة، وزاد الحد الأقصى لعمليات إعادة الشراء لليلة واحدة إلى 120 مليار دولار (من 75 مليار دولار في البداية)، وبدأ شراء سندات الخزانة قصيرة الأجل مباشرة بمعدل 60 مليار دولار شهريًا.

 

- بلغ متوسط ما أنفقه الفيدرالي يوميًا على عمليات إعادة الشراء للآجال المختلفة 190 مليار دولار خلال الشهر الماضي، وقال إنه قادر على الحفاظ على الوتيرة الحالية لمشتريات سندات الخزانة لبعض الوقت.

 

- في أوائل نوفمبر، قالت نائبة رئيس الفيدرالي في نيويورك "لوري لوجان"، إن الاحتياطي الفيدرالي منفتح على إجراء تعديلات على برنامجه المعمول به الشهر الماضي، للحد من التقلبات، ومستعد لزيادة حجم عمليات إعادة الشراء حتى نهاية العام.

 

 

- ضخ الأموال في سوق الإقراض قصير الأجل، يساعد على تخفيف المخاوف من تكرر نوبات التقلب الحادة في نهاية العام، حيث تميل البنوك في ذلك الوقت للابتعاد عن تمويل السوق وتقليص ميزانياتها العمومية قبل المراجعات التنظيمية.

 

- لكن في حقيقة الأمر، تسببت الزيادة الأخيرة لعمليات إعادة الشراء في موجة غضب واسعة من المشاركين في السوق، لأنهم يرون أن الفيدرالي كان قادرًا إلى حد كبير على تلبية حاجة البنوك، إذ لم يتجاوز طلب السوق لعرض الفيدرالي سوى في مناسبتين فقط خلال أكتوبر.

 

تغيرات ما بعد الأزمة

 

- تعكس الاضطرابات في سوق "الريبو" نقصًا غير متوقع في السيولة داخل النظام المالي الأمريكي، وقبل الأزمة المالية، كان يسيطر الفيدرالي على الفائدة على الأموال الفيدرالية بتحديد نطاق حركة السعر بين حدين أقصى وأدنى.

 

- لكن كل شيء تبدل بعد الأزمة، وأضاف الفيدرالي صناديق الاستثمار ومتداولي الأوراق المالية إلى قائمة المقترضين المعتمدين في سوق إعادة الشراء، واستخدم التيسير الكمي لشراء كميات هائلة من سندات الخزانة طويلة الأجل.

 

- نتيجة ذلك، حصلت حملة السندات (معظمها من البنوك) على الكثير من الكاش، وللحفاظ على سعر الفائدة عند الهدف، رفع الفيدرالي الحد الأدنى ووجد أن بقاء سقف الفائدة لن يكون ذا معنى، وكذلك عمليات إعادة الشراء.

 

 

- عندما أصبح الكاش وفيرًا بين البنوك، لم يعد من المفهوم مقدار الأموال الذي تحتاج للاحتفاظ به بالضبط، لكن الاضطرابات الأخيرة ساعدت على المعرفة، وتبين أن الكمية أكبر من توقعات الفيدرالي، إذ تمتلك المصارف الأمريكية حاليًا نحو 1.3 تريليون دولار نقدًا.

 

- مع ذلك، لا يبدو هذا القدر الهائل من الكاش كافيًا، فمع توسع الاقتصاد يزداد الطلب على النقد، وينمو الطلب الحكومي خاصة بسرعة كبيرة بسبب العجز المالي، الذي من المتوقع وصوله إلى تريليون دولار العام المقبل، أي 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي.

 

البنوك تحجم عن ضخ المزيد من الأموال

 

- تصدر وزارة الخزانة المزيد والمزيد من السندات التي تشتريها الشركات المالية والمستثمرين مقابل الكاش، لكن المشترين أصبحوا أقل، خاصة الأجانب، فأسعار الفائدة المرتفعة نسبيًا في الولايات المتحدة زادت من تكاليف التحوط.

 

- أدى ذلك بدوره إلى إحجام صناديق التقاعد الأوروبية واليابانية عن شراء سندات الخزانة الأمريكية، ومنذ عام 2017، انخفضت حصة سندات الخزانة التي يحتفظ بها الأجانب إلى 35% من 40%، ولذلك تضخمت ممتلكات البنوك الأمريكية من هذه الأصول.

 

- في عام 2017، بلغت حيازة المصارف الأمريكية ما قيمته 200 مليار دولار من سندات الخزانة، ومولت عمليات في سوق إعادة الشراء بقيمة 1.5 تريليون دولار، وبحلول سبتمبر الماضي، قفزت هذه الأرقام إلى 250 مليار دولار وتريليوني دولار على التوالي.

 

- عندما ارتفعت الفائدة في ذلك الشهر، كان السبب هو أن المتداولين الأساسيين لم يتمكنوا من اقتراض ما يكفي من النقود لتغطية مراكزهم المالية، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى تضاؤل حجم النقدية المتوافرة لدى البنوك، وبالتالي خوفها من ضخ المزيد من حيازتها من الكاش.

 

 

لغط سياسي

 

- حاليًا يمكن النظر في ثلاثة طرق لتفادي انهيار آخر في سوق الريبو، أولها تعديل اللوائح التي صدرت بعد الأزمة والمرتبطة بحيازات البنوك النقدية، أو شراء سندات الخزانة قصير الأجل، أو الالتزام بمواصلة عمليات إعادة الشراء، وهي خيارات مثيرة للجدل السياسي.

 

- قال وزير الخزانة الأمريكي "ستيفن منوشين" إنه منفتح على تخفيف قواعد رأس المال والسيولة التي تمت صياغتها بعد الأزمة، لكن رئيس الفيدرالي "جيروم باول" لا يؤيد هذا النهج.

 

- المرشحة الديمقراطية للرئاسة "إليزابيث وارن"، قالت إن "منوشين" الذي عمل كمدير تنفيذي لأحد البنوك في السابق، يستخدم القلق في سوق إعادة الشراء كذريعة لإضعاف القواعد التي تم وضعها لتنظيم أعمال المصارف الكبرى في "وول ستريت".

 

المصادر: فاينانشيال تايمز، الإيكونومست، ماركت ووتش

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.