الفشل بداية.. هذا الطبيب أخفق 8 مرات قبل تأسيس شركته المليارية الخاصة؟

في ديسمبر من العام الماضي، أصبحت "فيفا ريبابليكا" المشغلة لتطبيق المدفوعات الإلكترونية "توس"، رابع شركة يونيكورن في كوريا الجنوبية -الأولى في مجال "فينتك"- بعد جولة تمويلية رفعت قيمتها إلى 1.2 مليار دولار.

المثير للدهشة بشأن أعمال "فيفا" هي قدرتها السريعة على التوسع، فبعدما كسرت حاجز المليار دولار العام الماضي، بلغت قيمة الشركة التي تأسست عام 2014 نحو 2.2 مليار دولار في أغسطس الماضي، بعد جولة تمويلية جمعت خلالها 250 مليون دولار.

وتأسست الشركة على يد طبيب أسنان سابق يُدعى "سيونجون لي" ويُعرف اختصارًا بـ"إس جي لي"، والذي ضاق ذرعًا بالطرق المرهقة وغير الفعالة لدفع الأموال عبر الإنترنت في بلاده، فقاده إصراره -رغم الإخفاق مرارًا- إلى تأسيس هذا النشاط الواعد.

ورغم أن كوريا الجنوبية واحدة من الدول صاحبة أعلى معدلات انتشار الجوالات الذكية، ومن بين أفضل مستخدمي بطاقات الائتمان، فإن عملية الدفع عبر الإنترنت كانت معقدة وتعتمد على الكثير من الإجراءات ولها حدود قصوى.

وقبل إطلاق التطبيق "توس"، كان على مستخدمي خدمات الدفع الإلكتروني إدخال خمس كلمات مرور، وإجراء 37 نقرة، فقط لتحويل 10 دولارات، والآن بفضل "إس جي" أصبح بمقدورهم تحويل حتى 430 دولارًا بكلمة مرور واحدة وثلاث نقرات.

عقبات قانونية وأسرية
 

- كان "سيونجون" عازمًا على خوض التجربة رغم أن فكرته لم تكن قانونية في ذلك الوقت، إضافة إلى كرهه للمخاطرة، حيث تطلب الأمر 400 ألف دولار، نصفها من مدخراته والنصف الآخر قروض بنكية.
 

- بدأ "سيونجون" البالغ من العمر 37 عامًا أعماله في عام 2014، تزامنًا مع انطلاق تطبيقات تحويل الأموال بطريقة الند للند، مثل "فينمو" التابع لـ"باي بال"، لكن العقبات التنظيمية في كوريا الجنوبية جعلت مثل هذه الخدمات غير قانونية.

- أمضى "إس جي" عامًا في العمل مع المنظمين لكسب ثقتهم وإقناعهم بفكرته لتدشين نظام مبسط لتحويل الأموال، ويقول: كانوا يقررون إنهاء كل شيء جديد بمجرد عرضه عليهم.
 

- لكن في نهاية المطاف، وبحلول عام 2015، وافقت الهيئات التنظيمية على تخفيف القواعد المتعلقة بتطبيقات الأموال، وحينها قرر الشاب إطلاق منصة "توس" بشكل جدي، لكن كانت أمامه عقبة أخرى يتحتم عليه تجاوزها، وهي والداه.

تاريخ من الإخفاق
 

- عندما أخبر "سيونجون" والديه بأنه يستعد لتغيير جذري في حياته، بالتحول بعيدًا عن مهنة طبيب الأسنان ليصبح رائد أعمال، كانت الفكرة غير مقبولة تمامًا بالنسبة لهما، وانتابهما شعور كبير بالغضب نحوه.
 

- في أغلب الأوقات، قد لا يتقبل الأبوان مقترح أحد الأبناء بترك الوظيفة والتحول إلى ريادة الأعمال بسبب عدم اليقين الذي يحيط المسار الأخير، لكن الطبيعة المحافظة للمجتمع الكوري جعلت الأمر أصعب على "إس جي".
 

- يقول "سيونجون": لم يكن الأمر جيدًا على الإطلاق، لقد أحزن والديّ حقًا، في آسيا بشكل عام، هناك توقع سائد من الأسرة والمجتمع، هو أنك ستقوم بشيء تقليدي مثل أن تكون طبيبًا أو طبيب أسنان، لكنني لم أكن أبدًا هذا الرجل.

- وعندما استقال "سيونجون" من عمله في البداية، أمضى أكثر من أربع سنوات وأنفق الكثير من المدخرات في تجربة العديد من المشاريع، وتحت إدارته فشلت ثماني شركات ناشئة (في أعمال التواصل الاجتماعي وتطبيقات الجوال وغيرها).
 

- لكن "سيونجون" كان مصرًا على المضي قدمًا أو كما قال "التأثير في العالم" بدعم أو بدون دعم والديه، حتى إنه أمضى ثلاثة أشهر محاولًا إقناعهما بمواصلة خططه الجديدة والتخلي تمامًا عن أي ارتباط طبي، حتى توقف عن المحاولة.

طلب كبير وآفاق واعدة
 

- على عكس ما كان يخشاه الوالدان، كان "إس جي" محقًا، وسرعان ما رأى المستثمرون إمكانات وفرصا توسعية محتملة في تطبيق "توس" وبدأوا ضخ الأموال لتدعيم "سيونجون" وفريقه التقني المتنامي.
 

- الاهتمام لم يأتِ من المستثمرين فقط، ولكن جاء من المستخدمين أيضًا، ففي أقل من خمس سنوات، سجل التطبيق 14 مليون مستخدم (وهو ما يزيد على ربع سكان البلاد)، وعالج أكثر من 48 مليار دولار من المدفوعات.

- يوفر التطبيق، الذي بدأ العمل رسميًا في 2015، مجموعة متكاملة من الخدمات المالية الإلكترونية، والتي تسمح للمستخدمين بإجراء ومطالعة المعاملات المصرفية والبطاقات الائتمانية وإدارة حسابات الائتمان وشراء القروض والتأمين.
 

- ينظر المستثمرون العالميون إلى كوريا الجنوبية بعين الاهتمام، فقد أصبح البلد الأسيوي الآن موطنًا لنحو 400 شركة تقنيات مالية "فينتك"، وهو رقم متوقع تعاظمه مع استمرار بحث المستهلكين عن المزيد من الحلول المصرفية المبسطة.
 

- لعل ذلك يفسر نهم "سيونجون" للتوسع، ففي أبريل الماضي أطلقت الشركة الناشئة بطاقات "توس" للاستخدام عبر الإنترنت وفي معاملات الدفع غير الإلكترونية، إضافة إلى مجموعة واسعة من الخدمات التي تشمل إدارة حد الائتمان وحسابات التوفير وخطط التأمين.

المصادر: سي إن بي سي، تيك كرانش، ذا إنفستور، تيكنا إيجا