نبض أرقام
02:22 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

ما هو السبيل الاقتصادي لوقف هجرة "جنوب المتوسط" إلى أوروبا؟

2019/09/03 أرقام - خاص

تستقبل أوروبا بشكل شبه يومي قوارب المهاجرين القادمين إليها من دول جنوب البحر المتوسط، ومع تزايد موجات هؤلاء القادمين وأغلبهم من "فقراء" إفريقيا أقرت إيطاليا قانونًا يفرض غرامات باهظة على أي شخص ينقذ مهاجرًا من الغرق.

 

 

أثر إيجابي وحيد

 

ويرى كتاب "الهجرة المتوسطية وسوق العمل: سياسات من أجل النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية في البحر المتوسط" وهو دراسة موسعة للمركز الأوروبي لدراسات العمالة، أن الأزمة أكثر تعقيدًا من تعامل أي دولة معها.

 

وتقر الدراسة مبدئيًا بوجود أثر إيجابي على أوروبا بتلك الهجرة من خلال خفض تكلفة العمالة محدودة المهارات إلى حدها الأدنى، بحوالي 50% في بعض الحالات، بما يسهم في تشجيع النمو الاقتصادي لدول أوروبا بطبيعة الحال ولكنه يحد من الإيرادات الحكومية في ظل عمالة لا تدفع الضرائب أو الرسوم، فضلأ عن المشكلات الأمنية والاجتماعية.

 

ولعل فجوة الدخل هي المسبب الأول للهجرة، ففي دول جنوب المتوسط يوجد أناس يعانون المعيشة بدخل يقل عن 20% من مستويات الدخل في أرض يفصلهم عنها بحر يمكن عبوره بمراكب متوسطة الحجم، بما يجعلهم يقررون الإقدام على التجربة على أمل النجاح في الوصول للمزايا المادية التي يرونها.

 

وعلى الرغم من أن الفجوة الاقتصادية بين دول شمال البحر المتوسط الغنية والدول الأفقر في الجنوب ليست في أشد حالاتها في الفترة الحالية، حيث كانت أشد وطأة قبل عقدين من الزمان، بفعل تجمد معدلات النمو الأوروبية إلا أن ظاهرة الهجرة الاقتصادية تتفاقم بما يدعو للتساؤل عن السبب.

 

ثورة التطلعات

 

ولعل أحد أهم تلك الأسباب هو نمو ما يعرف بـ"ثورة التطلعات المتصاعدة" بمعنى معرفة شعوب الجنوب بما لدى الشمال من مميزات اقتصادية كبيرة على نطاق واسع في ظل الانفتاح الكبير لوسائل الإعلام ونقلها لصورة المجتمعات الأوروبية لنظيرتها جنوب المتوسط.

 

 

كما أن الأزمة في أن الفجوة بين الأجور تتزايد بصورة كبيرة للغاية في الطبقتين الأعلى والأدنى من الوظائف، كالأطباء من جانب والعمال الأقل تأهيلًا من جانب آخر، إذ ترتفع أجور الحد الأدنى في دول أوروبا إلى أكثر من 20 ضعف مثيلتها في بعض  الدول جنوب المتوسط بما يفاقم من ظاهرة الهجرة.

 

وهناك ما يعرف بـ"الأسباب الهيكلية" التي تتسبب في زيادة حالات الهجرة من المنطقة، من حيث الاختلالات الإقليمية والاجتماعية  وتغير المناخ، والبطالة، وضعف المؤسسات، وسوء الإدارة، والافتقار إلى سياسات فعالة لإعادة التوزيع.

 

ويُقصد بوصف "الهيكلية" عند الإشارة لتلك الأسباب في أنها متجذرة ويصعب علاجها بشدة، ولكن هذا الأمر يبقى ضروريًا إذا ما كانت هناك رغبة حقيقية في حل مشكلة الهجرة التي تفاقمت مؤخرًا بفعل تفاقم الاضطرابات في بعض دول جنوب المتوسط.

 

الحل

 

وتقدر الدراسة أنه إذا تم رفع مستوى المعيشة في دول جنوب المتوسط بنسبة 40-50% فإن ذلك كفيل بتراجع كبير في حجم الهجرة المتوسطية لأوروبا، لكن ذلك لن يكون ممكنا في ظل إمكانات تلك الدول الضعيفة اقتصاديًا.

 

وبناء على هذا يصبح الحل اقتصاديًا بضخ رؤوس أموال أوروبية للاستثمار في تلك الدول بما يسمح للطرفين بتحقيق مكاسب استثنائية، فمن جهة يستطيع الأوروبيون إيجاد "ثغرة" تسمح لهم بالنمو خارج حدودهم المتشبعة، وعلى الجانب الآخر تشهد معيشة المواطنين في دول جنوب المتوسط تحسنًا.

 

 

كما يجب إتاحة نوع من الهجرة القانونية التي تسمح لهؤلاء "اليائسين" التوجه إلى أوروبا رسميًا ولكن بشكل رسمي، بما يتيح للدول الأوروبية الاستفادة من العمالة منخفضة التكاليف، دون التضرر من مخاطرها، وفي نفس الوقت يسمح لدول جنوب المتوسط بـ"التخلص" من بعض العمالة التي لا تستطيع تشغيلها.

 

وتتسع الحلول لتشمل تحسين وصول البنية التحتية الأساسية الى المناطق المهمشة، وتطبيق نموذج تنمية شامل يمكن للشباب والنساء التمتع فيه بنفس فرص التعليم والعمل، غير أن ذلك كله يحتاج إلى درجة كبيرة من الالتزام والتنسيق بين دول شمال وجنوب المتوسط تسمح بتحويله من موطن للهجرة الكارثية إلى مقر للعديد من المشاريع التنموية.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.