نبض أرقام
02:25 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

فضلا فكر ثانية.. هل البنية التحتية طريق الدول للنمو؟

2019/08/31 أرقام - خاص

يعد الإنفاق الحكومي بمثابة "الأداة السحرية" التي تتيح لأي دولة خلق حالة من الرواج ودفع النمو الاقتصادي، فزيادته تزيد حالة الرواج بالبلاد وبالتالي تشجع على النمو وزيادة الإنفاق والاستثمار والعكس بالعكس.

 

 

أوروبا بعد الحرب

 

وغالبًا ما يكون الإنفاق في هذه الحالة متركزًا على البنية التحتية، بوصفها استثماراً للمستقبل أولًا، فضلًا على أن الإنفاق عليها غالبًا ما ينعكس سريعًا على دورة الإنفاق في الأسواق بشكل عام، بسبب الإنفاق على أجور ومواد خام مباشرة.

 

وعلى الرغم من ذلك فإن الطريق إلى النمو -أو حتى التنمية- قد لا يكون بهذه السهولة، فأولًا يجب الإشارة إلى أن الإنفاق على البنية التحتية يتبعه بالضرورة ارتفاع لمعدلات التضخم.

 

ومن ذلك ارتفعت معدلات التضخم في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية إلى نسبة تفوق 40% بسبب الإنفاق على إقامة البنية التحتية التي دمرتها الحرب، ولولا الدعم الأمريكي لأصبحت معيشة الطبقات الأوروبية الأفقر في هذا الوقت شديدة الصعوبة.

 

ووفقًا لتقرير لدورية "أسيان ريفيو" فإن جزءا من معاناة الدول الناشئة في الوقت الحالي يعود للإنفاق المبالغ فيه و"غير المتوازن" على البنية التحتية، حيث زاد الإنفاق خلال العقدين الماضيين في بعض الأحيان بنسبة 30-60% عما تحتاج إليه تلك البلاد.

 

وفي المقابل تشير الدورية إلى أن الصين تحتاج إلى زيادة نفقاتها على إقامة البنية التحتية بنسبة 48% بحيث تبلغ 753 مليار دولار سنويًا خلال العامين المقبلين بسبب ما يشكله تراجع الإنفاق على البنية التحتية في بكين من عرقلة لجهود التنين الآسيوي في تحقيق نسب نمو أعلى.

 

نموذج آخر

 

وفي مثال آخر يظهر النموذج الإفريقي في الإنفاق على البنية التحتية، حيث استمر جنوب السودان في تحقيق معدلات نمو سالبة، وصلت إلى -13.8% وذلك على الرغم من الإنفاق الكبير على البنية التحتية من قبل الصين تحديدًا هناك.

 

 

ويرجع ذلك لتركز الإنفاق على إقامة مشاريع زراعية فحسب، إذ تنظر الصين إلى جوبا بوصفها عاصمة دولة تصلح لأن تكون سلة غذائية لها، وبناء على ذلك يكون الإنفاق على استصلاح الأراضي الزراعي، وتحديدًا إعادة تأهيل أماكن المستنقعات، ولكن دون أن تعود شبكة الطرق التي تقيمها الصين بالنفع على الاقتصاد بشكل واقعي.

 

أما في العالم المتقدم، فيشير "جون رايس" خبير التنمية في شركة "جنرال إليكتريك" إلى أنه في الكثير من الدول المتقدمة أصبح الحديث حول إنشاء المزيد من البنية التحتية بمثابة "عبث" لأن الحكومات تريد تحقيق أهداف قصيرة المدى، وإقامة البنية التحتية تعني فرض ضرائب لن يجني المواطن نتائجها بشكل فوري.

 

ويضيف "رايس" في حوار مع موقع "ماكنزي" لاستشارات الإدارة أن دولًا أوروبية مثل فرنسا وإيطاليا قد تتمكن من رفع مستويات دخولها إلى أرقام تضاهي ألمانيا إذا زادت من إنفاقها على إنشاء البنية التحتية بنسبة 30-40% فحسب، مما يستلزم زيادة الضرائب بنسب قليلة للغاية لن تثير غضب المصوتين في الانتخابات.

 

التضحية لمن ولماذا؟

 

وتنوه دراسة للبنك الدولي بأهمية التوازن في إقامة البنية التحتية، حتى لا تضحي دولة بحاضرها من أجل مستقبلها بإلإفراط في إقامة البنية التحتية، ولا بإهمال مستقبلها من أجل حاضرها بتقليص الإنفاق عليها.

 

وتضرب الدراسة مثلًا بأنجولا خلال العقدين الماضيين إذ بلغت نسب النمو فيها في المتوسط 8.6% (بغض النظر عن تراجعه خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة) والسبب الرئيسي وراء ذلك هو "لهاث" البنية التحتية وراء نمو الاقتصاد وليس العكس.

 

فالبنية التحتية في البلد الإفريقي الغني بالنفط كانت تسير مواكبة بالضبط لاحتياجات البلاد إليها، فالطرق يتم إقامتها لمواكبة الطفرة النفطية الصناعية بحيث يصبح الطريق فعالًا في أفضل توقيت، فلا يمر الوقت دون استخدام، ولا تعاني الأعمال من غياب البنية التحتية بما يعرقل نموها.

 

 

وتثير دراسة لـ"ماكنزي" تساؤلًا حول ما إذا كان ترك الأموال لدى القطاع الخاص (أي بعدم تحصيلها كضرائب) مع فرض رقابة أفضل على الأسواق أفضل لنمو البلدان أم الإنفاق الحكومي المستمر الذي يحقق "التنمية المُدارة".

 

وتميل غالبية مدارس الإدارة العامة الآن إلى الاكتفاء بما يعرف بـ"النفقات الحكومية الدنيا" بل ويفضل بعضها مشاركة القطاع الخاص في تشييد البنية التحتية، فهذا وحده كفيل بإنشاء الأخيرة لتكون مفيدة ودافعة نحو التنمية وألا تكون مجرد إنفاق لدعم النمو فحسب بما يسببه ذلك من مشكلات عدة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.