نبض أرقام
02:24 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/30
2024/10/29

فكر ثانية.. هل الاستثمار في البورصة يخدم الاقتصاد دائما؟

2019/08/23 أرقام - خاص

تبدو الأسباب و"الحجج" التي تظهر لدعم الاستثمار في البورصة واضحة، ومنها على سبيل المثال دمج أصحاب المبالغ الصغيرة في مشاريع استثمارية ناجحة، فمن دون البورصة لن يتمكن هؤلاء أو المستثمرون قليلو الخبرة في إدارة المشروعات من دمج أموالهم في الاقتصاد.

 

ويحقق سوق الأسهم للشركات ميزة القدرة على النمو دون المعاناة من ديون كبيرة، بما يمنحها ميزات اقتصاد الوفرة، وعلى الجانب المقابل يمنح الأفراد فرصة التطلع لمكاسب تتجاوز نسب الفائدة التي تقدمها البنوك، والتي عادة لا تتخطى نسب التضخم كثيرًا، أي أنه يسمح للأفراد بتحقيق ربحية من رؤوس أموالهم.
 

وبعيدًا عن تلك المزايا، إلا أن الاستثمار في البورصة قد يكون ضارًا بالاقتصاد، ومن ذلك ما يطرحه موقع "بالنس" حول تأثير تضخم البورصة الأمريكية في حدوث الكساد الكبير في الثلاثينيات، حيث خسر سوق الأسهم الأمريكي ما يساوي حاليا 400 مليار دولار في بضعة أيام وفقًا لتقدير الموقع.

 

وترى دراسة لجامعة"يل" أن ضخ الأفراد المنفردين لمبالغ كبيرة أو صغيرة في البورصة الأمريكية بشكل غير منتظم، والتوقعات غير المنطقية لصعودها أدت لاحقًا لانهيار بنسبة 11% في يوم واحد تبعها أيام أسوأ بانهيارات بلغت 20% في يوم واحد في بعض الحالات.

 

وهنا تأثر الاقتصاد بسبب "البورصة المتضخمة" فتراجع المستثمرون تمامًا عن غالبية خططهم التوسعية في ظل تخوفهم من عدم القدرة على حصد رؤوس الأموال المطلوبة، واتجه المدخرون للاقتصاد الريعي (العقارات والذهب) بما ساهم بصورة كبيرة في إحداث أزمة الكساد الكبير.
 

أرقام واضحة وليست "حدسا"
 

ويشير تقرير لـ"إيكونوميك هيلب" إلى أن المشكلة الرئيسية فيما يتعلق بتأثير الاستثمار المكثف في البورصة، ولا سيما للأفراد وليس للهيئات التي تعتمد بصورة أكبر على دراسات الجدوى وليس "الحدس"، على توقعات الاقتصاد.
 

ففي حالة الركود الكبير بدأت الأمور بتراجع أسعار العقارات بنسب وصلت إلى 10% وتباطؤ قطاع التصنيع بنسبة 15% ، غير أن "الإعلان الرسمي" عن الركود كان بانهيار سوق الأسهم، لأنه جاء بمثابة إشارة على أن الأزمة أصبحت "حالية وليست منتظرة".
 

 

ولبيان فائدة الاستثمار الفردي في البورصة من ضرره يجب الوقوف على حالة الاقتصاد أولًا والبدائل المتاحة للأسهم ثانية. فترك الأموال دون استخدام نهائيًا أو ما يعرف في الاقتصاد بـ"الادخار السلبي" يضر قطعًا بالاقتصاد، ويتسبب في الركود تدريجيًا، ولكن التساؤل هل يفوق هذا الضرر تأثير تضخم الأسهم أم أن العكس صحيح؟
 

ففي حالة الاقتصاد المنتعش فإن ترك نسبة أموال الأشخاص خارج النظام المالي قد يكون إيجابيًا (ولكن بنسبة محدودة) لأنه يسهم في السيطرة على التضخم، أما في حالة الاقتصاد الراكد أو الذي يتخوف من الركود فإن الاستثمار في البورصة، أو المباشر، يكون أفضل بطبيعة الحال.
 

المدة الزمنية
 

وكثيرًا ما تضر "الطروح الأولية" بالاقتصاد، ففي حالة البرازيل أدى طرح أسهم شركتي اتصال رئيسيتين وأكبر مُطور عقاري في البلاد عام 2000 إلى أزمة سيولة كبيرة، حتى أن البنك المركزي اضطر لرفع أسعار الفائدة إلى 16.5% بعد أن كانت الحكومة تمكنت قبلها من خفض النسبة إلى 15%.
 

ويعكس هذا حالة من الاضطراب سادت الاقتصاد بسبب البورصة وسلوك المستثمرين للشراء بها، ويوضح كيف تنعكس تصرفات المستثمرين الفردية في البورصة على الاقتصاد بالسلب في بعض الأحيان.
 

وتشير دراسة لـ"يل" إلى أن العامل الأهم في مدى فائدة أو تضرر الاقتصاد من الاستثمار في البورصة يتعلق بفترة الاحتفاظ بالأسهم، فالمضاربون يسهمون بطبيعة الحال في ظاهرة التضخم في البورصة أما هؤلاء الذين يحتفظون بالأسهم بغرض الحصول على توزيع الأرباح –وهي ليست النسبة الغالبة- فهم بمثابة مستثمرين تقليديين ولكن بحصص في الشركة يسهل بيعها.
 

 

وتلفت الدراسة إلى أن بعض المستثمرين "طويلي المدى للغاية" قد يكونون سيئين للاقتصاد، فهم لا يتابعون استثماراتهم –وإن كانت صغيرة- ولا يلجؤون للبيع إذا تدهورت أحوال الشركة، وبالتالي لا ينخفض سعر السهم بالنسبة التي تعكس تدهور وضع الشركة.
 

ويتأكد بذلك أن الاستثمار الفردي في البورصة له فوائده للاقتصاد بطبيعة الحال، ولكنه قد لا يكون إيجابيًا في كافة الحالات وأن عوامل مثل عمر الاستثمار، وحالة الاقتصاد، فضلًا عن ظاهرة التكالب على بعض الأسهم قد تحوله من أمر إيجابي لسلبي على الاقتصاد ككل.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.