بطاريات الليثيوم أيون.. رغم خطورتها ما زالت تقود طموح العالم التكنولوجي

أعلنت شرطة نيويورك قبل أيام، اضطرارها لسحب نحو 3 آلاف كاميرا يضعها الشرطيون على أكتافهم أثناء العمل، بعدما انفجرت واحدة وألحقت حروقًا بأحد ضباط جزيرة ستاتين، ويرجع ذلك لخلل في بطارية الليثيوم أيون المستخدمة في تشغيل الكاميرا، بحسب تقرير لموقع "كوارتز".

عادة ما يتجاهل الناس مثل هذه البطاريات حتى تنفجر الكاميرات وغيرها من الأجهزة، لكن دون هذه الوحدات المزودة بالطاقة سيكون العالم مكانًا مختلفًا عما هو عليه الآن، فلن تتوافر الحواسيب اللوحية، أو الجوالات الذكية، أو الحواسيب المحمولة، أو الدرون، أو حتى سيارات "تسلا" الكهربائية القابلة للشحن.

هذه البطاريات قوية وقابلة لإعادة الشحن، وبشرت بعصر متميز من منتجات الأجهزة المحمولة والسيارات الكهربائية الأكثر اقتصادية، وأصبحت أكثر انتشارًا في الأدوات الإلكترونية بداية من السجائر الإلكترونية وحتى أجهزة ضبط نبضات القلب.

بحلول عام 2030، من المتوقع ارتفاع الطلب إلى 17 ضعف المستوى الحالي عليها، لكن للوصول إلى هذه المرحلة، ستحتاج صناعة بطاريات الليثيوم أيون إلى ثورة، فرغم أنها ستصبح أرخص العام تلو الآخر، فإنها لا تستطيع المنافسة مع محركات الاحتراق الداخلي من حيث التكلفة، ولا يزال الحافز كبيرا لتعزيز قدرات هذه البطاريات وإحداث الطفرة.

ما يحتاجه العالم الآن حقًا هو بطاريقة فائقة، ويتسابق العلماء في شتى بقاع الأرض حاليًا لصنع واحدة، بما في ذلك "جون عودنوف" البالغ من العمر 95 عامًا، والذي يعرف بالأب الروحي لبطاريات الليثيوم أيون، فهل ينجح أي منهم في تقديم ما يحتاج الناس؟

ما بطارية الليثيوم أيون؟

- هي أشبه بجهاز يرسل ذرات مشحونة كهربائيًا تعرف بالأيونات، من نقطة إلى أخرى عبر مادة موصلة تعرف تسمى الكهرل أو الإلكتروليت، والنقطتان هما أقطاب كهربائية تسمى الأنود والكاثود.

- عندما تكون البطارية قيد الاستخدام، مثلًا عندما تم تفصل جوالك الذكي عن الشاحن في الصباح، تتدفق الأيونات من الأنود إلى الكاثود، مما يؤدي إلى تحرك تيار كهربائي يزود هاتفك بالطاقة، وعند توصيله بالمقبس ليلًا ينعكس مسار الأيونات لتكون جاهزة في الصباح لتشغيل الجهاز.

- هذه هي الطريقة التي تعمل بها جميع البطاريات القابلة لإعادة الشحن، يكمن فقط الاختلاف في التركيب الكيميائي للأجزاء الداخلية، وتحدد الأقطاب والإلكتروليت مقدار الطاقة التي يمكن استيعابها داخل البطارية.

- في بطارية الليثيوم أيون، تحتوي الأقطاب الكهربائية على ذرات كثيفة الطاقة من الليثيوم، متراصة داخل بنية مصنوعة من عناصر مثل الكربون والكوبالت.

ما الذي يجعلها أفضل بكثير الآن؟

- لزيادة كثافة طاقة البطارية، يبحث العلماء عن مركبات خفيفة الوزن، حيث يمكن ملء الأيونات بشكل كثيف وتحريرها بسهولة، وبالطبع الليثيوم هو مرشح رائع لهذه المهمة.

- أيونات الليثيوم هي واحدة من أصغر الأيونات التي يمكن التعامل معها، لذا فإن عددًا كبيرًا منها يمكن توظيفه في مساحة صغيرة، وهو السر وراء كثافة الطاقة في بطاريات الليثيوم.

- الأكثر من ذلك، أن الأقطاب الكهربائية التي تخزن الطاقة، مصممة بحيث يمكنها تحرير الأيونات بكميات وسرعة كبيرة للغاية، وهي ميزة أخرى تجعل بطارية الليثيوم عالية الطاقة.

- بالإضافة إلى ذلك، تفقد بطارية الليثيوم أيون الشحن ببطء، بمقدار يتراوح بين 5% إلى 10% شهريًا، ويمكنها تحمل مئات أو حتى آلاف من دورات الشحن والتفريغ.

الانفجارات

- بعد أسابيع من إطلاق جوال "سامسونج جالاكسي نوت 7"، بدأ العملاء في الإبلاغ عن حوادث اشتعال غريبة للبطاريات، لكن مثل هذه الحوادث لم تكن متعلقة بجوالات "سامسونج" فقط.

- أجهزة الحواسيب المحمولة وسماعات الرأس وألواح التحويم الآلية، المزودة جميعًا ببطاريات ليثيوم أيون كانت (ولا يزال بعضها) تتعرض للاحتراق بشكل تلقائي.

طموح

- للتمكن من إنتاج سيارات كهربائية وربما طائرات أيضًا أرخص، هناك حاجة مُلحة لتعزيز قدرات بطاريات الليثيوم أيون، وهو أمر يعكف عليه الباحثون من خلال ثلاثة محاور.

- أولًا استخدام السليكون، حيث تستخدم معظم البطاريات الآن الجرافيت المصنوع من كربون، ويمكن لكل ست ذرات من الكربون تخزين ذرة ليثيوم واحدة، لكن السليكون يمكنه بالقيام بالأمر بشكل أفضل، حيث تستطيع كل أربع ذرات منه استيعاب ذرة ليثيوم، لكن توظيف السليكون في هذه المهمة ما زال أمرًا شاقًا.

- معدن الليثيوم؛ بدلًا من استخدم الأنود لتخزين أيونات الليثيوم، فكر البعض في اللجوء إلى أنود مصنع بالكامل من الليثيوم، وهو ما تحاول بعض الشركات الناشئة مثل "بليون تكنولوجيز" القيام به.

- أخيرًا، البطاريات الصلبة، إذ يعد أحد أسباب انفجار بطاريات الليثيوم أيون هو استخدام إلكتروليتات سائلة تساعد على نقل الأيونات بين الأقطاب الكهربائية، لكن حال الاعتماد على إلكتروليت صلب، قد يجعل ذلك البطارية أكثر أمانًا.