اجتماع الفيدرالي تحت المجهر.. محللون لـ أرقام: تثبيت الفائدة هو السيناريو الأرجح
يعقد مجلس الاحتياطي الفيدرالي، اليوم، اجتماعه الشهري لمناقشة السياسة النقدية وأسعار الفائدة، وسط ترجيحات بتثبيت الفائدة ضمن نطاق 4.25% - 4.50%، في ظل استمرار الضغوط التضخمية والمخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي.
وسيعلن الفيدرالي قراره بشأن أسعار الفائدة وتوقعاته الاقتصادية الفصلية اليوم عند الساعة 2:00 مساءً بتوقيت واشنطن (9:00 مساءً بتوقيت الرياض)، يليه مؤتمر صحفي لرئيسه جيروم باول، حيث سيقدم توضيحات حول السياسة النقدية المقبلة.
وقال محللون لـ أرقام إن الاجتماع يأتي وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي، حيث تستبعد الأسواق أي خفض للفائدة حالياً، لكنها تراقب تصريحات باول عن مستقبل السياسة النقدية، خاصة فيما يتعلق بالتشديد الكمي وتوقعات النمو.
توقعات الاقتصاد الأمريكي: بين التباطؤ والتضخم المستمر
وائل مكارم كبير استراتيجيي السوق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في Exness
قال وائل مكارم، كبير استراتيجيي السوق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "Exness"، إن التوقعات تشير إلى إبقاء الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع مارس، مدعوماً بانخفاض معدل التضخم الأساسي إلى 3.1% (الأدنى منذ عام 2021)، واستقرار معدل البطالة عند 4.1%، إضافة إلى توقعات نمو معتدلة للناتج المحلي الإجمالي.
وأشار إلى أن الأسواق تتوقع تخفيضات لاحقة لأسعار الفائدة خلال 2025، بواقع مرتين إلى ثلاث مرات، كل منها بمقدار 25 نقطة أساس، غير أن اجتماع مارس لن يكون بداية هذه التخفيضات.
وأوضح أن شهادة باول الأخيرة أمام الكونغرس عززت هذا التوجه، حيث أكد أن الفيدرالي لن يخفض الفائدة قبل حصول تحسنٍ ملموس في البيانات الاقتصادية.
من جانبه، قال رائد المومني، مدير قسم إدارة الأصول والموجودات في "كابيتال للاستثمارات"، إن الفيدرالي سيركز على ثلاثة عوامل رئيسية: توقعات النمو الاقتصادي، مستويات التضخم، واتجاهات أسعار الفائدة المستقبلية.
رائد المومني مدير قسم إدارة الأصول والموجودات في كابيتال للاستثمارات
وأضاف أن هناك مؤشرات على خفض توقعات النمو ورفع تقديرات التضخم، مما قد يدفع الفيدرالي إلى تبني نهج أكثر حذراً.
التوجهات المستقبلية وتأثير برنامج التشديد الكمي
أشار المومني إلى أن السيناريو الحالي يشير إلى أن الفيدرالي قد يواجه تحديات تتعلق بالركود التضخمي، حيث يتباطأ النمو الاقتصادي بينما يظل التضخم مرتفعاً، مضيفاً أن الأسواق ستركز على قضايا مثل الرسوم الجمركية والحد من الهجرة، والتي قد يكون لها تأثير على توقعات الفيدرالي المستقبلية.
وأكد المومني أن الفيدرالي قد يلمح إلى تقليل وتيرة بيع السندات، مما قد يخفف من التشدد النقدي ويؤثر على منحنى العائد.
وأوضح أن الفيدرالي يتحكم في الفائدة قصيرة الأجل، لكن العوائد طويلة الأجل تتأثر بعوامل السوق. وإذا تباطأت وتيرة بيع السندات، فقد يساهم ذلك في دعم الأسواق وتخفيف الضغط على النمو الاقتصادي.
تصريحات باول: استقرار أم قلق في الأسواق؟
أضاف مكارم أن تصريحات باول قد تعزز ثقة الأسواق عبر التأكيد على استقرار الفائدة عند 4.5%، بما يتماشى مع توقعات عدم حدوث تغييرات فورية.
وأوضح أن التضخم عند 2.8% مع بقاء الاقتصاد قوياً قد يدفع باول إلى التلميح بتخفيضات لاحقة خلال يونيو أو يوليو، مما قد يوجه الأسواق نحو نهج أكثر حذراً يعتمد على البيانات القادمة.
وأشار إلى أن أي إشارات من باول بشأن مخاطر اقتصادية، مثل سياسات ترامب الجمركية، قد تؤثر على الأسواق بشكل غير متوقع وتثير مخاوف المستثمرين بشأن النمو والتضخم.
البيانات الاقتصادية: مؤشرات مختلطة ومسار غير واضح
قال مكارم إن البيانات الاقتصادية الحديثة لعبت دوراً رئيسياً في تشكيل توجهات مجلس الاحتياطي الفيدرالي تجاه السياسة النقدية قبل قراره المرتقب في 19 مارس، فمع استقرار التضخم عند 2.8%، وهو لا يزال أعلى من الهدف البالغ 2% رغم تراجعه، واستمرار معدل البطالة عند 4.1%، إضافة إلى نمو الوظائف بمقدار 151 ألف وظيفة خلال فبراير، فإن الصورة الاقتصادية تبدو غير واضحة تماماً.
وأضاف أن لجنة السوق المفتوحة أكدت أن أي تعديلات مستقبلية في السياسة النقدية ستظل مرهونة بالبيانات الاقتصادية وتقييم المخاطر.
وعلى الرغم من التقدم في احتواء التضخم، إلا أن المعطيات الحالية لا تبرر تغييرًا جذريًا في نهج الفيدرالي، مما يعزز احتمالية الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير مع مراقبة تطورات السوق لضمان تحسن مستدام.
بدوره، أشار رائد مومني إلى أن البيانات الاقتصادية تعكس إشارات متباينة، حيث لا تزال بعض البيانات الأساسية (Hard Data) مثل الوظائف ومبيعات التجزئة، تظهر قوة نسبية في الاقتصاد، في حين تعكس البيانات الأخرى (Soft Data) مثل ثقة المستهلكين وتوقعات الشركات، تزايد المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي.
وأوضح أن الفيدرالي سيركز بشكل خاص على البيانات الاستطلاعية، نظراً لأنها تقدم مؤشرات مبكرة على المسار الاقتصادي المستقبلي، مما يزيد من حالة عدم اليقين حول توجهاته المقبلة.
تداعيات قرارات الفيدرالي: كيف ستتفاعل الأسواق والسلع؟
قال مكارم إن الأسواق المالية قد تستجيب بشكل طفيف لقرار الفيدرالي المتوقع، لكن أي مفاجأة، مثل خفض غير متوقع للفائدة، قد تؤدي إلى تقلبات حادة، مما قد يدفع الأسهم للصعود، ويضغط على الدولار، ويدعم أسعار الذهب إلى مستويات جديدة.
وأضاف أن التوجيهات المستقبلية ستكون العامل الحاسم، حيث إن أي إشارات من باول نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً ستدعم الأسهم والذهب، بينما أي لهجة متشددة قد تؤدي إلى ارتفاع الدولار والضغط على الأسواق المالية.
وأشار المومني إلى أن الذهب قد يواصل ارتفاعه في ظل زيادة الطلب من البنوك المركزية، خصوصاً في الأسواق الناشئة مثل الصين، إلى جانب تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسي.
وأضاف أن هناك علاقة عكسية بين الذهب وعوائد السندات الحقيقية، حيث يؤدي ارتفاع العوائد إلى تراجع الإقبال على الذهب والعكس صحيح، لافتاً إلى أن الطلب القوي من الصين والبنوك المركزية قد يكون عاملاً داعمًا لاستمرار ارتفاع الذهب رغم قوة الدولار.
وأشار المومني إلى أن أي انخفاض في أسعار الذهب قد يشكل فرصة للشراء، خاصة مع استمرار التوترات التجارية والسياسية العالمية، مما يعزز مكانة الذهب كملاذ آمن.
اجتماعات الفيدرالي السابقة.. كيف تغيرت التأثيرات على الأسواق العالمية؟
وأوضح المومني أن هذا الاجتماع يختلف عن الاجتماعات السابقة، حيث يبدو الفيدرالي أكثر تركيزًا على مخاطر التضخم والنمو معاً، مما قد يؤدي إلى تغيرات في توجهات الأسواق المالية.
وأضاف أن قرارات الفيدرالي لا تؤثر فقط على الاقتصاد الأمريكي، بل تمتد تداعياتها إلى الأسواق العالمية، خاصة الأسواق الناشئة التي قد تتأثر بتغيرات في تدفقات رؤوس الأموال وتقلبات أسعار الصرف.
وأشار إلى أن الأسواق المالية كانت تترقب الاجتماع بتحركات حذرة، حيث سجلت مؤشرات الأسهم الأمريكية أداءً متباينًا في الأيام السابقة، في حين استقرت عوائد السندات عند مستويات مرتفعة نسبيًا، مما يعكس حالة عدم اليقين بشأن قرارات الفيدرالي المقبلة.
تعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}

تحليل التعليقات: