قفزة للأرباح وسيولة قياسية .. ما الذي يمكن تعلمه من قرارات "وارن بافيت" في الربع الثاني؟

كشفت نتائج أعمال شركة بيركشاير هاثاواي عن الربع الثاني من العام الجاري الكثير من التطورات، سواء على المستوى المالي أو خيارات الاستثمار والتأثر بوباء "كوفيد-19".

ورغم الهدوء النسبي لوتيرة القرارات الاستثمارية للملياردير الشهير "وارن بافيت" مؤخراً، فإن السيولة النقدية القياسية المتاحة تجعل كل الخيارات ممكنة في الفترة المقبلة.

أرباح أكثر لكن إيرادات تشغيلية أقل

- حققت بيركشاير هاثاواي ارتفاعاً حاداً لصافي الأرباح بلغت نسبته 87% في الربع الثاني من العام الجاري، رغم انخفاض الإيرادات والأرباح التشغيلية في نفس الفترة.

- وبلغ صافي الربح 26.3 مليار دولار في الثلاثة أشهر المنتهية في يونيو الماضي، مقابل 14.1 مليار دولار في نفس الفترة قبل عام واحد.

- جاءت قفزة الأرباح بدعم ارتفاع القيمة الحالية للمحفظة الاستثمارية مع صعود سوق الأسهم الأمريكي بشكل ملحوظ في الربع الثاني من هذا العام.

- يعتبر هذا الأداء تطوراً إيجابياً يعوض نسبياً الخسارة التاريخية للشركة في أول ثلاثة أشهر من العام الجاري والتي بلغت 50 مليار دولار بفعل ضربة الوباء.

- لكن من الضروري التنويه هنا إلى أن المكاسب غير المحققة من زيادة قيمة الاستثمارات الفصلية تمثل عاملاً متقلباً بالنسبة لـ"بيركشاير هاثاواي".

- في حين تراجعت الإيرادات التشغيلية – والتي يرى "وارن بافيت" أنها الأكثر تعبيراً عن أداء شركته لأنها تستبعد الاستثمارات والمشتقات – بنسبة 10% لتنخفض إلى 5.5 مليار دولار في الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بـ6.1 مليار دولار قبل عام.

- رغم الهبوط المسجل للإيرادات التشغيلية، فإنه كان أقل من توقعات المحللين والتي كانت تشير إلى تراجع بنسبة 27% تقريباً.

- وبشكل عام، تراجعت إيرادات الشركة بنسبة 11% لتسجل 56.8 مليار دولار في الربع الثاني من هذا العام مقارنة بـ63.5 مليار دولار في الفترة المقارنة.

ظهور آثار الوباء

- مخطئ من يعتقد أن "وارن بافيت" المعروف عنه النظرة الاستثمارية الثاقبة لم يتأثر بأزمة الوباء وتداعياتها مثله مثل باقي المستثمرين.

- "استجابة الحكومة والشركات الخاصة في مسعاها لاحتواء تفشي الوباء بدأ في التأثير بشكل كبير على أعمالنا التشغيلية في شهر مارس قبل أن يمتد الأثر في الربع الثاني"، بحسب نتائج أعمال بيركشاير هاثاواي.

- وأعلنت الشركة الأمريكية المملوكة لـ"بافيت" شطب أصول بقيمة 9.8 مليار دولار متعلقة بأعمال تصنيع قطع غيار الطائرات والتي تديرها وحدة "بيرسيجن كاست بارتس".

- تأثرت أعمال الطيران بتداعيات وباء كورونا، والذي قلص الطلب على السفر بشدة وبالتالي أثر سلباً على الصناعات الداعمة للخطوط الجوية.

- كما اتخذت الشركة عدة قرارات استجابة للخسائر الاقتصادية من تراجع طلب المستهلكين على السلع والخدمات الخاصة بها، وشملت تسريح مؤقت لموظفين وخفض الأجور وتقليص الإنفاق الرأسمالي.

- رغم أن معظم هذه القرارات ربما تثبت أنها مؤقتة، لكن بعض الأعمال من المرجح أن تشهد استمراراً لعمليات إعادة الهيكلة لتناسب الطلب الاستهلاكي المستحدث.

- وقامت "بيرسيجن" بتسريح 10 آلاف موظف في النصف الأول من العام الجاري، وهو ما يعادل 30% من القوى العاملة.

- أشارت بيركشاير إلى أن الأثر الأكبر لأزمة كورونا يبدو متركزاً على قطاعات السفر الجوي والطيران التجاري والصناعات الداعمة له.

- لكن الشركة حذرت من ضبابية المستقبل بقولها: "لا يمكننا بشكل موثوق توقع متى ستعود أنشطة أعمالنا المتعددة والمتنوعة لطبيعتها، ولا توقع كيف ستغير هذه الأحداث أنماط الاستهلاك المستقبلية للناس والشركات".

- حتى على صعيد السهم، تراجع سهم بيركشاير هاثاواي من الفئة الأولى بنسبة 19% في الربع الأول وبحوالي 2% في الفصل الثاني من هذا العام.

- رغم نجاح السهم في العودة للارتفاع في شهر يوليو والأسبوع الأول من أغسطس الجاري، فإنه لا يزال يقل 7.4% مقارنة بنهاية العام الماضي.

إعادة شراء أسهمه وبيع الاستثمارات الأخرى

- قام "وارن بافيت" بإعادة شراء أسهم بيركشاير هاثاواي بقيمة 5.1 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام الحالي، ليرفع إجمالي قيمة مشتريات أسهم الشركة إلى 6.7 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام.

- تعبر الوتيرة القياسية الفصلية لإعادة شراء الأسهم عن ثقة "بافيت" في قوة الشركة واستغلالاً لهبوط سعر السهم خلال الفترة الماضية.

- وعلى الجانب الآخر، باعت شركة "بافيت" حصصاً في شركات مملوكة لها بصافي قيمة 12.8 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام الجاري، منها أسهم في شركات للطيران والتي أعلنها "بافيت" في مايو الماضي بنحو 6.1 مليار دولار.

- ومن المقرر أن تعلن بيركشاير هاثاواي تفاصيل محفظتها الاستثمارية بنهاية يونيو الماضي في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وهو ما سيتح إمكانية رصد حيازتها من الاستثمارات بشكل دقيق.

- ويمتلك "بافيت" حصصاً في شركات تشمل قطاعات متنوعة من الاقتصاد الأمريكي مثل التأمين والمالية والصناعات التحويلية والطاقة والتجزئة والسكك الحديدية وغيرها.

- وتبرز نتائج الأعمال الاستثمارات الضخمة لـ"بافيت" في شركات مثل آبل والتي ارتفع سعر سهمها بنحو الضعف من مستوياتها في 23 مارس الماضي، وجي بي مورجان تشيس وأمازون اللذين صعدا بحوالي %27 و66% على الترتيب خلال نفس الفترة.

- بلغت قيمة حيازة بيركشاير هاثاواي في شركة آبل نحو 91.5 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من العام الجاري، وهو ما يعادل حوالي 44% من إجمال محفظة الأسهم المملوكة للشركة.

صفقات انتقائية وسيولة ضخمة

- تمتلك بيركشاير هاثاواي سيولة نقدية قياسية بقيمة 146.6 مليار دولار بنهاية شهر يونيو الماضي، بزيادة 10 مليارات دولار على أول ثلاثة أشهر من هذا العام.

- لكن "حكيم أوماها" كان حريصاً ومقتصداً للغاية فيما يخص الدخول في استثمارات جديدة في عصر الوباء، وهو ما يتعارض مع نشاطه الملحوظ إبان الأزمة المالية العالمية والذي حقق أرباحاً كبيرة للشركة في الأعوام التالية.

- وإذا تجاوزنا الربع الثاني قليلاً، فإن "بافيت" أعلن في يوليو شراء شركة "دومينيون إينرجي" للغاز الطبيعي بقيمة 10 مليارات دولار تقريباً.

- كما أعلن مؤخراً شراء أسهم في بنك أوف أمريكا بقيمة 2.1 مليار دولار، لترفع بيركشاير هاثواي ملكيتها إلى 11.9% من أسهم البنك.

- نظرياً، تظل هذه السيولة الضخمة أداة متاحة لتنفيذ عمليات استحواذ محتملة في حال رغبت بيركشاير هاثاواي في ذلك ورأي "بافيت" فرصاً متاحة للربح.

المصادر: أرقام – نتائج أعمال بيركشاير هاثاواي –بلومبرج– نيويورك تايمز– سي إن بي سي